كتبت في ذلك الدفتر "السري", أو بما يسمى بمذكراتي الشخصية, ما يلي, لأنني رأيت في النهاية أن هذه المذكرة الشخصية بالذات, ليست شخصية!! :
قبل سنة بالضبط كتبت في هذا الدفتر!
لم أكن قد حددت موعداً في هذا التاريخ بالذات, ولكن على ما يبدو أن في هذا الجو الخريفي والذي يخصني كثيراً, ما يوحي بالكتابة ويرغمني حتماً على فتح الدفتر والبحث عن الكلمات, متغلباً على كسلي المعروف في التعبير عن نفسي.
الحقيقة كلماتي متلعثمة ومشوشة والدليل على ذلك خط يدي المشوه الغير منتظم والذي يخرج بصعوبة من بين أسنان قلمي.
سأحاول أن أكتب بهدوء:
قبل قليل حادثتني هاتفياً صديقة عزيزة علي, كنا منذ مدة لم نلتق ولم نتحادث. لربما هي تلك المحادثة التي أخرجت من داخلي هذا البركان الثائر الخامد. هو مشتعل كل الوقت وفي حركة دائمة, لكنه يأبى أن يخرج على صورة كتابة.
قبل أسبوع تقريباً أنهيت لتوي سنوات عمري الست والعشرين وبدأت بالعد التنازلي نحو السابعة والعشرين. يا سلااااااام! قطار العمر يجري بسرعة, وحضرة الآنسة ما زالت في انتظار!
ماذا تنتظرين يا فتاة؟؟؟
هذه أول مرة أفكر أن أكتب عن الموضوع بشكل مباشر, ربما ترددت لأنني أنا "هي", وهي لا يحق لها أن تتحدث عن تلك المواضيع هكذا علناً, لأن ذلك سوف يسيء لها فماذا سيقولون؟ آه تفكر بالموضوع!!! نعم أفكر بالموضوع, لكن ليس لأنه الموضوع فحسب بل لأن الأمر بات يرسم حولي حلقات نحو الأعمق... لا أراها تحيط بي أنا فحسب انما بالكثيرات من حولي ولو بحثت أكثر, سيتضح بأنها تحيط بمن حول من حول حولي.
سأكتب إذاً وما يضيرني؟ هل "هو" فقط من يحق له الكلام والتعبير؟؟
هذه أول مرة أكتب لكنها ليست المرة الأولى التي أتحدث أو أفكر بها عن الموضوع, ولكن الكلام ليس كالكتابة, الكلام والأفكار تمحوها الرياح, أما الكتابة تتوثق وتظل ناصبة ظلالها أمام عيني وتجعلني في مواجهة حقيقية مع ما كتبت.
حسناً بدون "لف ودوران", تحدثنا أنا وصديقتي, أو بالأحرى كان الموضوع الرئيسي في حديثنا عن!؟؟ عن ماذا يا ترى؟؟
عن "العريس"!! نعم "العريس", ذلك الشبح المجهول المنتظر!! الذي دون أن نعرف من يكون ودون أن يعرف هو, يقلب لنا أحلامنا بين أصابعه دون اكتراث, غير آبه, حتى وكأنه أصبحت جميع مواقف الحياة متعلقة بقدوم ذلك "الشخص".
سأعود إلى بلدي إذا جاء "الشخص", سأخرج من هذه الغرفة إذا جاء "الشخص", ستنتهي غربتي إذا جاء "الشخص", ستذهب أحزاني وهمومي ووحدتي, إذا جاء "الشخص" !!!
من هو ذلك "الشخص" الذي له الحق بأن يقرر لي مصيري لهذه الدرجة؟؟؟
أنا أسأل نفسي الآن: كيف سمحت لهذا المجهول أن يصور لي مستقبلي ويحدده بقدومه. وأسأل أيضاً: إن لم يأت هذا "الشخص", هل يعني أنني سأبقى سجينة أفكاري ووحدتي وغرفتي وغربتي؟؟ كيف سمحت لذلك, من أعطاه الحق بأن يستعبد حريتي ويجعلني أربط جميع محطات حياتي الآتية ومشاريعي المستقبلية به؟؟؟ (يخرج صدى تساؤلاتي صارخاً في أرجاء الغرفة).
هذا ما آلت إليه نفسي وهذه هي الحقيقة. أقول أنا لا أتجاهل أن هنالك حقيقة فطرية خلق الإنسان عليها, وهي حاجته للطرف الآخر, ليست هي مجرد حاجة وإنما ضرورة ملحة وإحدى صور الحياة البشرية الطبيعية والتي تمنح الانسان الاستقرار العاطفي, النفسي الاجتماعي والفردي وتساهم في استمرار الكون.
لكن ماذا عساك يا فتاة فاعلة إذا لم يتوفق لك الأمر؟ هل من العدل والانصاف أن ترتبط جميع ظروف الحياة بهذا الموضوع ؟؟ (صوت في داخلي وفي خارجي يجيب: أنا لم أربطها هم من ربطوها لي).
سؤالي يضايقني ويضايقني من نفسي أكثر.
هل يجب أن ترتبط الفتاة لمجرد أن ذلك يخلصها من جميع تلك الضغوطات المجتمعية اللامتناهية, هل ترتبط بأي فرصة تسنح لها وإن كانت لا تنصفها ولا تمت لها بصلة, فقط لمجرد أن ينزل عن ظهرها ذلك العبء الثقيل ويكفوا عن النظر إليها نظرات شفقة وتعاطف و"يا حرام لسا ما انخطبت", مع أنها المسكينة لا ينقصها شيء وواثقة من نفسها حتى السماء, إلا أنها في عرفهم ليس لديها الوقت الكافي بأن "تتشرط" فقطار العمر يجري ولا بد لها أن تركب! تباً لهذا القطار من قال لكم أريد ركوبه بأي ثمن؟؟ أأركب فيه ويهوي بي على حافة الطريق أو يصطدم ويحطمني؟؟؟ لا لن أركب إلا في القطار الآمن والذي أرتئيه لنفسي, وقطار عمركم هذا تركته لكم سافروا به إلى حيث تريدون.
أتطرق إلى جانب آخر من الحكاية. يقول لي بعضهم يا بنت لا تضعي الكثير من الشروط والمواصفات, لا تحلمي بشخص كامل ومثالي, فلن تجديه. أية شروط وأي مواصفات, والله لم أضع, لا أريد طبيباً ولا وسيماً ولا ثرياً ولا أيٍ من تلك!!!
كل ما أريده هو شخص يفهم ويدرك مستوى عقلي وتفكيري, يقدرني ويحترمني ويستطيع استيعابي وان اختلف مع عقلي. شخص لديه قدر كافٍ من الثقافة الأكاديمية والاجتماعية والدينية, ملتزم, يخاف حق الله بي, شخص يريدني أنا لأنني أنا, بعقلي وشكلي وتفكيري, بطيشي وجنوني وظروفي. هذا ما أريده وهذا ما اتضح لي لاحقاً أنه "نادر في الأسواق"!!.
بالمناسبة تساؤلاتي هذه لا تتضارب مع إيماني بالقضاء والقدر, فأنا أعرف وأؤمن حق اليقين بقوله تعالى:"وفي السماء رزقكم وما توعدون", فلا شك لدي أن رزقي محفوظ ونصيبي من الله ولا بد حاصلة عليه إن كان قد كتب لي.
لكن ما أطرحه هنا جانب آخر من الصورة وباعتقادي أصبح ظاهرة اجتماعية تكتنفنا عامة وبوجه خاص لها صلة بفئة من الفتيات ممن حولي: فتيات ملتزمات, مثقفات بدرجة عالية, أكاديميات بلقب أول على الأقل, مفكرات, يعيين جيداً ما يدور حولهن ويجدن ممارسة الحياة ومواجهة مواقفها بحكمة ولباقة ودقة وعزيمة... ولسن ب"عاديات" أبداً!!
لذا لم يعد بوسعي أن أتجاهل الأمر أكثر ورأيت أنه يستحق مني تدوينة.
نفتقد اليوم لشباب ملتزم, مثقف, واعٍ ومدرك, يبحث عن فتاة بصفات غير اعتيادية, كونه يملك تلك الصفات. ظننت في االبداية أن ذلك الشاب المتميز والمثقف, ذلك الشاب الاسلامي الذي ينفرد عن غيره بالكثير, ظننته يبحث عن العمق والأعماق ولا يكتفي بما يطفو على السطح, وسررت بداخلي كثيراً أن الله هداني الى الحجاب ولم أبق على الحال التي كنت عليها, فأبتلي بشخص يبحث فيَّ عن شكلي وعن شعري وعن آخر مستحدثات الموضة, ولا يعنيه أبداً بماذا أفكر وما هو مستوى عقلي.
ظننت لوهلة أن هذه الفئة من الشباب هي مفتاح الأمة وهم حملة التغيير, ولكن سرعان ما خاب أملي وتأكد لي أنه "هو", يبقى شرقياً!! يريد ان أشعره بأنه "قائد" كل شيء, هو فقط لا غير, يريد مني تلك الفتاة التي "تخجل" ولا تدلي برأيها أمام الآخرين, ولا تنجح في تركيب جملة ذات وزن, وترتبك عند حضوره وتشعره كم هي بحاجة إليه, تشعره كم هو رجل وقوي وكم هي إمرأةٌ وضعيفة!!
وإن كانت جميلة أو "خارقة الجمال", فلا داعي أن تتعب نفسها, سأيتيها الرد بالقبول وإن كانت جاهلة إلى حد لا يطاق.
آه ولا ننسى إن كانت صغيرة في السن فهذا أفضل وأفضل ف"هو" سوف يشكلها كالمعجونة على الشكل الذي يريد وينتقي لها الأفكار التي يريد لكي لا تتلف سكون يومه بنقاش أو اختلاف في الرأي, ولكي تقول له نعم, نعم هو كذلك.
لقد أنصف الاسلام المرأة وكرمها وقدرها, وسيبقى كذلك إلى الأبد, شريطة أن نجد أيدٍ عاملة لمشروع الاسلام, مطبقين ومنفذين!
حضرة السيد آدم إن لم يعجبك كلامي وقلت في نفسك فتاة ترى الأمور من منظار تجربتها الشخصية, فأنا أقول لك: تفضل أدحض أنتَ الفرضية!!
فلك أقول يا صديقتي, دعكِ من الانتظار, حركي دولاب حياتك دون أن تربطيه ب"شخص", فأنت تستحقين فقط من يستحقك, وإن لم يكن فاصبري واستعيني بالله
"وبلاها".
الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010
حلق
الحقيقة
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)