كتبت في ذلك الدفتر "السري", أو بما يسمى بمذكراتي الشخصية, ما يلي, لأنني رأيت في النهاية أن هذه المذكرة الشخصية بالذات, ليست شخصية!! :
قبل سنة بالضبط كتبت في هذا الدفتر!
لم أكن قد حددت موعداً في هذا التاريخ بالذات, ولكن على ما يبدو أن في هذا الجو الخريفي والذي يخصني كثيراً, ما يوحي بالكتابة ويرغمني حتماً على فتح الدفتر والبحث عن الكلمات, متغلباً على كسلي المعروف في التعبير عن نفسي.
الحقيقة كلماتي متلعثمة ومشوشة والدليل على ذلك خط يدي المشوه الغير منتظم والذي يخرج بصعوبة من بين أسنان قلمي.
سأحاول أن أكتب بهدوء:
قبل قليل حادثتني هاتفياً صديقة عزيزة علي, كنا منذ مدة لم نلتق ولم نتحادث. لربما هي تلك المحادثة التي أخرجت من داخلي هذا البركان الثائر الخامد. هو مشتعل كل الوقت وفي حركة دائمة, لكنه يأبى أن يخرج على صورة كتابة.
قبل أسبوع تقريباً أنهيت لتوي سنوات عمري الست والعشرين وبدأت بالعد التنازلي نحو السابعة والعشرين. يا سلااااااام! قطار العمر يجري بسرعة, وحضرة الآنسة ما زالت في انتظار!
ماذا تنتظرين يا فتاة؟؟؟
هذه أول مرة أفكر أن أكتب عن الموضوع بشكل مباشر, ربما ترددت لأنني أنا "هي", وهي لا يحق لها أن تتحدث عن تلك المواضيع هكذا علناً, لأن ذلك سوف يسيء لها فماذا سيقولون؟ آه تفكر بالموضوع!!! نعم أفكر بالموضوع, لكن ليس لأنه الموضوع فحسب بل لأن الأمر بات يرسم حولي حلقات نحو الأعمق... لا أراها تحيط بي أنا فحسب انما بالكثيرات من حولي ولو بحثت أكثر, سيتضح بأنها تحيط بمن حول من حول حولي.
سأكتب إذاً وما يضيرني؟ هل "هو" فقط من يحق له الكلام والتعبير؟؟
هذه أول مرة أكتب لكنها ليست المرة الأولى التي أتحدث أو أفكر بها عن الموضوع, ولكن الكلام ليس كالكتابة, الكلام والأفكار تمحوها الرياح, أما الكتابة تتوثق وتظل ناصبة ظلالها أمام عيني وتجعلني في مواجهة حقيقية مع ما كتبت.
حسناً بدون "لف ودوران", تحدثنا أنا وصديقتي, أو بالأحرى كان الموضوع الرئيسي في حديثنا عن!؟؟ عن ماذا يا ترى؟؟
عن "العريس"!! نعم "العريس", ذلك الشبح المجهول المنتظر!! الذي دون أن نعرف من يكون ودون أن يعرف هو, يقلب لنا أحلامنا بين أصابعه دون اكتراث, غير آبه, حتى وكأنه أصبحت جميع مواقف الحياة متعلقة بقدوم ذلك "الشخص".
سأعود إلى بلدي إذا جاء "الشخص", سأخرج من هذه الغرفة إذا جاء "الشخص", ستنتهي غربتي إذا جاء "الشخص", ستذهب أحزاني وهمومي ووحدتي, إذا جاء "الشخص" !!!
من هو ذلك "الشخص" الذي له الحق بأن يقرر لي مصيري لهذه الدرجة؟؟؟
أنا أسأل نفسي الآن: كيف سمحت لهذا المجهول أن يصور لي مستقبلي ويحدده بقدومه. وأسأل أيضاً: إن لم يأت هذا "الشخص", هل يعني أنني سأبقى سجينة أفكاري ووحدتي وغرفتي وغربتي؟؟ كيف سمحت لذلك, من أعطاه الحق بأن يستعبد حريتي ويجعلني أربط جميع محطات حياتي الآتية ومشاريعي المستقبلية به؟؟؟ (يخرج صدى تساؤلاتي صارخاً في أرجاء الغرفة).
هذا ما آلت إليه نفسي وهذه هي الحقيقة. أقول أنا لا أتجاهل أن هنالك حقيقة فطرية خلق الإنسان عليها, وهي حاجته للطرف الآخر, ليست هي مجرد حاجة وإنما ضرورة ملحة وإحدى صور الحياة البشرية الطبيعية والتي تمنح الانسان الاستقرار العاطفي, النفسي الاجتماعي والفردي وتساهم في استمرار الكون.
لكن ماذا عساك يا فتاة فاعلة إذا لم يتوفق لك الأمر؟ هل من العدل والانصاف أن ترتبط جميع ظروف الحياة بهذا الموضوع ؟؟ (صوت في داخلي وفي خارجي يجيب: أنا لم أربطها هم من ربطوها لي).
سؤالي يضايقني ويضايقني من نفسي أكثر.
هل يجب أن ترتبط الفتاة لمجرد أن ذلك يخلصها من جميع تلك الضغوطات المجتمعية اللامتناهية, هل ترتبط بأي فرصة تسنح لها وإن كانت لا تنصفها ولا تمت لها بصلة, فقط لمجرد أن ينزل عن ظهرها ذلك العبء الثقيل ويكفوا عن النظر إليها نظرات شفقة وتعاطف و"يا حرام لسا ما انخطبت", مع أنها المسكينة لا ينقصها شيء وواثقة من نفسها حتى السماء, إلا أنها في عرفهم ليس لديها الوقت الكافي بأن "تتشرط" فقطار العمر يجري ولا بد لها أن تركب! تباً لهذا القطار من قال لكم أريد ركوبه بأي ثمن؟؟ أأركب فيه ويهوي بي على حافة الطريق أو يصطدم ويحطمني؟؟؟ لا لن أركب إلا في القطار الآمن والذي أرتئيه لنفسي, وقطار عمركم هذا تركته لكم سافروا به إلى حيث تريدون.
أتطرق إلى جانب آخر من الحكاية. يقول لي بعضهم يا بنت لا تضعي الكثير من الشروط والمواصفات, لا تحلمي بشخص كامل ومثالي, فلن تجديه. أية شروط وأي مواصفات, والله لم أضع, لا أريد طبيباً ولا وسيماً ولا ثرياً ولا أيٍ من تلك!!!
كل ما أريده هو شخص يفهم ويدرك مستوى عقلي وتفكيري, يقدرني ويحترمني ويستطيع استيعابي وان اختلف مع عقلي. شخص لديه قدر كافٍ من الثقافة الأكاديمية والاجتماعية والدينية, ملتزم, يخاف حق الله بي, شخص يريدني أنا لأنني أنا, بعقلي وشكلي وتفكيري, بطيشي وجنوني وظروفي. هذا ما أريده وهذا ما اتضح لي لاحقاً أنه "نادر في الأسواق"!!.
بالمناسبة تساؤلاتي هذه لا تتضارب مع إيماني بالقضاء والقدر, فأنا أعرف وأؤمن حق اليقين بقوله تعالى:"وفي السماء رزقكم وما توعدون", فلا شك لدي أن رزقي محفوظ ونصيبي من الله ولا بد حاصلة عليه إن كان قد كتب لي.
لكن ما أطرحه هنا جانب آخر من الصورة وباعتقادي أصبح ظاهرة اجتماعية تكتنفنا عامة وبوجه خاص لها صلة بفئة من الفتيات ممن حولي: فتيات ملتزمات, مثقفات بدرجة عالية, أكاديميات بلقب أول على الأقل, مفكرات, يعيين جيداً ما يدور حولهن ويجدن ممارسة الحياة ومواجهة مواقفها بحكمة ولباقة ودقة وعزيمة... ولسن ب"عاديات" أبداً!!
لذا لم يعد بوسعي أن أتجاهل الأمر أكثر ورأيت أنه يستحق مني تدوينة.
نفتقد اليوم لشباب ملتزم, مثقف, واعٍ ومدرك, يبحث عن فتاة بصفات غير اعتيادية, كونه يملك تلك الصفات. ظننت في االبداية أن ذلك الشاب المتميز والمثقف, ذلك الشاب الاسلامي الذي ينفرد عن غيره بالكثير, ظننته يبحث عن العمق والأعماق ولا يكتفي بما يطفو على السطح, وسررت بداخلي كثيراً أن الله هداني الى الحجاب ولم أبق على الحال التي كنت عليها, فأبتلي بشخص يبحث فيَّ عن شكلي وعن شعري وعن آخر مستحدثات الموضة, ولا يعنيه أبداً بماذا أفكر وما هو مستوى عقلي.
ظننت لوهلة أن هذه الفئة من الشباب هي مفتاح الأمة وهم حملة التغيير, ولكن سرعان ما خاب أملي وتأكد لي أنه "هو", يبقى شرقياً!! يريد ان أشعره بأنه "قائد" كل شيء, هو فقط لا غير, يريد مني تلك الفتاة التي "تخجل" ولا تدلي برأيها أمام الآخرين, ولا تنجح في تركيب جملة ذات وزن, وترتبك عند حضوره وتشعره كم هي بحاجة إليه, تشعره كم هو رجل وقوي وكم هي إمرأةٌ وضعيفة!!
وإن كانت جميلة أو "خارقة الجمال", فلا داعي أن تتعب نفسها, سأيتيها الرد بالقبول وإن كانت جاهلة إلى حد لا يطاق.
آه ولا ننسى إن كانت صغيرة في السن فهذا أفضل وأفضل ف"هو" سوف يشكلها كالمعجونة على الشكل الذي يريد وينتقي لها الأفكار التي يريد لكي لا تتلف سكون يومه بنقاش أو اختلاف في الرأي, ولكي تقول له نعم, نعم هو كذلك.
لقد أنصف الاسلام المرأة وكرمها وقدرها, وسيبقى كذلك إلى الأبد, شريطة أن نجد أيدٍ عاملة لمشروع الاسلام, مطبقين ومنفذين!
حضرة السيد آدم إن لم يعجبك كلامي وقلت في نفسك فتاة ترى الأمور من منظار تجربتها الشخصية, فأنا أقول لك: تفضل أدحض أنتَ الفرضية!!
فلك أقول يا صديقتي, دعكِ من الانتظار, حركي دولاب حياتك دون أن تربطيه ب"شخص", فأنت تستحقين فقط من يستحقك, وإن لم يكن فاصبري واستعيني بالله
"وبلاها".
الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010
حلق
الحقيقة
الاثنين، 25 يناير 2010
يوميات في القدس 29/10/2009
حياتي كلها زخم, زخم!
مليئة بالضوضاء والناس والأحداث ومليئة بجميع تناقضات الحياة. ومليئة بالفراغ المطلق!!!!
اليوم فيما يقارب الساعة التاسعة مساءً, وأنا جالسة في الحافلة رقم 28, في طريق عودتي من العمل إلى البيت, أنظر الناس من حولي في الشارع, في كل محطة يقف عندها الباص ترى عالماً آخر, وأناساً آخرين: يهود علمانيون, يهود متدينون, قادمون جدد, عرب, طلاب جامعة وأناس لا يخطر ببالك أن تراهم. هذا كله في مدينة القدس, بل في شطر من مدينة القدس.
وهنا تكمن مسألتي فمن خلال مطالعتي لمدينة القدس وأوجهها, وجدت أخيراً وصفاً يلائمني ويصف حالتي وحياتي. فاستنتجت أنني كمدينة القدس, أعيش كل التناقضات التي فرضت علي والتي ربما انا من اخترت أن أعيشها.
وهنا قد أسعدتني هذه الفكرة. فمنذ مدة وأنا أبحث لنفسي عن وصف يليق بي وبحالي.
القدس أولاً هي الأقصى ومظهري الخارجي يربطني مباشرة بالأقصى لمجرد أن أمشي بضع أمتار في غربي القدس. وفي بلدي ايضاً أصبح الكثير يقرن وجودي في القدس مع حتمية ارتباطي بالأقصى.
القدس تعيش وسط الاحتلال وقد فرضوا عليها ان تلبس بعض اوجهه وأنا لا مفر لي من ذلك, مؤسستي الأكاديمية, عملي, خدماتي الحياتية, لغتي جميعها أمور تجعلني على محك معهم.
والناس في مدينة القدس على اختلافهم هم صورة متشابهة لاختلاف أطواري وتركيبة عقلي "المجعلك".
وإذا ذهبنا للبلدة القديمة فذلك التشتت والتعب والأزقة القديمة والبطالة, أولئك حالة من حالات نفسي.
وذلك التيه الذي تعيشه القدس واضعة كفاً على خدهاً ورافعةً الأخرى نحو السماء, لا تكل ولا تمل من طلب العون والنصر, خريفاً شتاءً, نهاراً مساءً, هذه القدس هي أنا, القدس في وأنا في القدس....
مليئة بالضوضاء والناس والأحداث ومليئة بجميع تناقضات الحياة. ومليئة بالفراغ المطلق!!!!
اليوم فيما يقارب الساعة التاسعة مساءً, وأنا جالسة في الحافلة رقم 28, في طريق عودتي من العمل إلى البيت, أنظر الناس من حولي في الشارع, في كل محطة يقف عندها الباص ترى عالماً آخر, وأناساً آخرين: يهود علمانيون, يهود متدينون, قادمون جدد, عرب, طلاب جامعة وأناس لا يخطر ببالك أن تراهم. هذا كله في مدينة القدس, بل في شطر من مدينة القدس.
وهنا تكمن مسألتي فمن خلال مطالعتي لمدينة القدس وأوجهها, وجدت أخيراً وصفاً يلائمني ويصف حالتي وحياتي. فاستنتجت أنني كمدينة القدس, أعيش كل التناقضات التي فرضت علي والتي ربما انا من اخترت أن أعيشها.
وهنا قد أسعدتني هذه الفكرة. فمنذ مدة وأنا أبحث لنفسي عن وصف يليق بي وبحالي.
القدس أولاً هي الأقصى ومظهري الخارجي يربطني مباشرة بالأقصى لمجرد أن أمشي بضع أمتار في غربي القدس. وفي بلدي ايضاً أصبح الكثير يقرن وجودي في القدس مع حتمية ارتباطي بالأقصى.
القدس تعيش وسط الاحتلال وقد فرضوا عليها ان تلبس بعض اوجهه وأنا لا مفر لي من ذلك, مؤسستي الأكاديمية, عملي, خدماتي الحياتية, لغتي جميعها أمور تجعلني على محك معهم.
والناس في مدينة القدس على اختلافهم هم صورة متشابهة لاختلاف أطواري وتركيبة عقلي "المجعلك".
وإذا ذهبنا للبلدة القديمة فذلك التشتت والتعب والأزقة القديمة والبطالة, أولئك حالة من حالات نفسي.
وذلك التيه الذي تعيشه القدس واضعة كفاً على خدهاً ورافعةً الأخرى نحو السماء, لا تكل ولا تمل من طلب العون والنصر, خريفاً شتاءً, نهاراً مساءً, هذه القدس هي أنا, القدس في وأنا في القدس....
هالجملة رح تجيبلي جلطة
على غرار الشجار الذي وقع في الأيام الأخيرة في مدينة القدس بين عائلتين, الأولى من سلوان والثانية من جبل المكبر, والذي راح ضحيته الشاب يحيى سلايمة وتم حرق وتخريب بعض المحال التجارية وإصابات عديدة إثر إطلاق النار, وبعد أن تناول الإعلام هذه "الطوشة" كمادة إعلامية ساخنة أخرجت لتوها من الفرن, وبعد أن تم استطلاع الآراء حول هذا الحدث المؤسف, ما جلطني إلا هالجملة: "هذه عملية صهيونية مدبرة", الله أكبر, عنجد زودوتها يا جماعة!!
أنا لا أنكر أي وجه من وجوه الاحتلال والتي لم يدمر بها عقول الكثيرين فحسب بل البنى التحتية لتلك العقول, نعم أعترف بوجود سياسة القمع وكم الأفواه, والتضييق الاقتصادي والتهميش الحضاري والفاشية المطلقة بحق شعبنا, ربما لا أعيشها جميعاً بشكل شخصي ولكنني أعيها جيداً. وأفهم سياسة فرق تسد وسياسة الحرمان من أساسيات الحياة وتضييق سبل المعيشة لكي ننشغل عن الأمور التي تتبع وتأتي بالدرجة التي تلي, مثل الوعي الوطني والقومي والفكري وما إلى ذلك. وأعلم جيداً وعلى وجه الخصوص أن مدينة القدس والمقدسيين يعانون من تلك الأمور بالدرجة الأولى, وألتمس الأعذار قبل اللوم, للعديد من السلوكيات ومناهج الحياة التي تدل على السطحية والجهل في بعض الأحيان وعلى الاستهتار وعدم تحمل المسؤولية أحياناً أخرى.
إلا أنه تنتابني لحظات أقول بها لا عذر لكم, وأميل كثيراً لهذا الاتجاه فأقول أن المحنة التي تعيشها مدينة القدس وأهل القدس, ليس بالمحنة الأولى في تاريخ الأمة. فالمسلمون بعد الفتح والنصر في الأندلس ذاقوا أشد أنواع التعذيب من قبل محاكم التفتيش, ومن قبل ذاقها أولاً رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ومن كانوا معه وما وهنوا وما استكانوا. مدينة القدس نفسها شهدت معارك دامية على أرجائها الأربع وحملات صليبية وحضارات وشعوب عدة تلاحمت على ظهرها وبقيت هي القدس. صمدت رغم أنهم بنوا فيها المدينة فوق الأخرى وبقيت بيت المقدس. فما بالنا أصابنا كل هذا الضعف, ما بالنا اعترانا كل هذا الوهن؟؟؟
ذكرت أعلاه حدث واحد تزامن أن قيلت فيه تلك الجملة التي تغضبني ولكن لم تكن هذه المرة هي الأولى التي أسمع بها هذه العيارة وهذا التصريح. فأسأل نفسي وإياكم هل من الحكمة أن نلقي كل اللوم على المحتل وهل هذا هو الصحيح أصلاً؟؟ أليس لنا دور فيما يحصل لنا؟ ألسنا شركاء في تلك المأساة الاجتماعية االحضارية والثقافية التي وصلنا إليها؟
بل نحن الوكلاء والموزعون-بلغة التجارة- ونحن المساهم الأول في ذلك التردي المحبط القاتم الذي وصلنا إليه! لأنه على ما أعتقد قد خلق لنا الله عقولاً نعقل بها ونفكر بها ونتدبر أمورنا من خلالها, والأهم أن الله قد من علينا بنعمة الاسلام, وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فاذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله", وهذا أحد وجوه المأساة وأهمها وقد فسر نفسه ولا يحتاج إلى شرح مني. وبتركه بدأت المصيبة, وأما العقل والفكر والوعي والمنطق البشري الفطري فجميعها أشياء مغيبة -وليس غائبة- في معظم الأحيان. فكفانا هروباً من المسؤولية. شجار مثل الذي حصل في الأيام الأخيرة, وعلى سبب تافه, لا ينتظر أن يرحل عنا المحتل لكي لا يحدث, انما ينتظر أن تحرر نفسك من احتلال العشوائية والاسترخاء المفرط والاستهزاء تجاه قيم الانسانية والمجتمع وقيم دينك الاسلام, أولاً وآخراً.
هذا الشجار أحد الصور لذلك التردي الذي وصلنا إليه ولن أخوض هنا في الحديث عن صور عديدة أخرى كأوكار المخدرات والانحلال الخلقي والتفكك الأسري والجريمة بدم بارد. أعرف أن جميعها أموراً هيئها الاحتلال بين أيدينا , ولكن الله لم يلق بنا في خضم هذا الابتلاء دون ان يعطينا وسائل لمكافحته, وإلا عندها لا لوم ولا حساب علينا ونقف في صفوف المجانين الذين لا يؤاخذون على اعمال ارتكبوها.
أنا لا اقف هنا وقفة اللائمة, بل أحمل نفسي مسؤولية أيضاً وأولها مسؤوليتي بأن أقول هذا الكلام. وأسأل الله أن ينير عقولنا ويحررنا من ضعف أنفسنا.
أنا لا أنكر أي وجه من وجوه الاحتلال والتي لم يدمر بها عقول الكثيرين فحسب بل البنى التحتية لتلك العقول, نعم أعترف بوجود سياسة القمع وكم الأفواه, والتضييق الاقتصادي والتهميش الحضاري والفاشية المطلقة بحق شعبنا, ربما لا أعيشها جميعاً بشكل شخصي ولكنني أعيها جيداً. وأفهم سياسة فرق تسد وسياسة الحرمان من أساسيات الحياة وتضييق سبل المعيشة لكي ننشغل عن الأمور التي تتبع وتأتي بالدرجة التي تلي, مثل الوعي الوطني والقومي والفكري وما إلى ذلك. وأعلم جيداً وعلى وجه الخصوص أن مدينة القدس والمقدسيين يعانون من تلك الأمور بالدرجة الأولى, وألتمس الأعذار قبل اللوم, للعديد من السلوكيات ومناهج الحياة التي تدل على السطحية والجهل في بعض الأحيان وعلى الاستهتار وعدم تحمل المسؤولية أحياناً أخرى.
إلا أنه تنتابني لحظات أقول بها لا عذر لكم, وأميل كثيراً لهذا الاتجاه فأقول أن المحنة التي تعيشها مدينة القدس وأهل القدس, ليس بالمحنة الأولى في تاريخ الأمة. فالمسلمون بعد الفتح والنصر في الأندلس ذاقوا أشد أنواع التعذيب من قبل محاكم التفتيش, ومن قبل ذاقها أولاً رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ومن كانوا معه وما وهنوا وما استكانوا. مدينة القدس نفسها شهدت معارك دامية على أرجائها الأربع وحملات صليبية وحضارات وشعوب عدة تلاحمت على ظهرها وبقيت هي القدس. صمدت رغم أنهم بنوا فيها المدينة فوق الأخرى وبقيت بيت المقدس. فما بالنا أصابنا كل هذا الضعف, ما بالنا اعترانا كل هذا الوهن؟؟؟
ذكرت أعلاه حدث واحد تزامن أن قيلت فيه تلك الجملة التي تغضبني ولكن لم تكن هذه المرة هي الأولى التي أسمع بها هذه العيارة وهذا التصريح. فأسأل نفسي وإياكم هل من الحكمة أن نلقي كل اللوم على المحتل وهل هذا هو الصحيح أصلاً؟؟ أليس لنا دور فيما يحصل لنا؟ ألسنا شركاء في تلك المأساة الاجتماعية االحضارية والثقافية التي وصلنا إليها؟
بل نحن الوكلاء والموزعون-بلغة التجارة- ونحن المساهم الأول في ذلك التردي المحبط القاتم الذي وصلنا إليه! لأنه على ما أعتقد قد خلق لنا الله عقولاً نعقل بها ونفكر بها ونتدبر أمورنا من خلالها, والأهم أن الله قد من علينا بنعمة الاسلام, وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فاذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله", وهذا أحد وجوه المأساة وأهمها وقد فسر نفسه ولا يحتاج إلى شرح مني. وبتركه بدأت المصيبة, وأما العقل والفكر والوعي والمنطق البشري الفطري فجميعها أشياء مغيبة -وليس غائبة- في معظم الأحيان. فكفانا هروباً من المسؤولية. شجار مثل الذي حصل في الأيام الأخيرة, وعلى سبب تافه, لا ينتظر أن يرحل عنا المحتل لكي لا يحدث, انما ينتظر أن تحرر نفسك من احتلال العشوائية والاسترخاء المفرط والاستهزاء تجاه قيم الانسانية والمجتمع وقيم دينك الاسلام, أولاً وآخراً.
هذا الشجار أحد الصور لذلك التردي الذي وصلنا إليه ولن أخوض هنا في الحديث عن صور عديدة أخرى كأوكار المخدرات والانحلال الخلقي والتفكك الأسري والجريمة بدم بارد. أعرف أن جميعها أموراً هيئها الاحتلال بين أيدينا , ولكن الله لم يلق بنا في خضم هذا الابتلاء دون ان يعطينا وسائل لمكافحته, وإلا عندها لا لوم ولا حساب علينا ونقف في صفوف المجانين الذين لا يؤاخذون على اعمال ارتكبوها.
أنا لا اقف هنا وقفة اللائمة, بل أحمل نفسي مسؤولية أيضاً وأولها مسؤوليتي بأن أقول هذا الكلام. وأسأل الله أن ينير عقولنا ويحررنا من ضعف أنفسنا.
حتى الحمص صار يفهم بالسياسة
أما صحن الحمص هذا فقد نجح بأن يغيظني حقاً, من المؤكد أنني لست الوحيدة التي" تتناول" الآن صحن الحمص هذا على مائدة الكتابة. وقدأغاظني لسببين مختلفين تماماً.
لأدخل في الموضوع مباشرة, فالمعظم قد سمع عن الحدث التاريخي الشهير الذي بادرت به قرية أبو غوش أوالأصح بادر إليه الأخ المناضل جودت إبراهيم من أبو غوش بصنع أكبر صحن حمص في التاريخ والذي بدوره شرفنا بدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية ليزداد عدد الانجازات العربية في تلك الموسوعة.
الوجه الأول لانزعاجي من هذا الانجاز" الغاية في الروعة والابداع", أربطه مع صحن الحمص الآخر, فقد كان قد سبق بأن تم الاعلان عن أكبر صحن حمص في العالم في لبنان, إلا أن الحية الي ما بتتسمى استكثرت على لبنان هذا الانجاز وقالت في نفسها حتى في صحن الحمص لن أدعك تهنئين يا لبنان (من الجدير بالذكر أنه سبق ودارت حربً إعلامية بين إسرائيل ولبنان حول ملكيةالحمص ). ولتفاهة الانجاز ولانها أبت أن تطلع عليها سمعة الاهتمام بالبطون خلت الموضوع لأصحابه وحبكت الحبكة من تحت لتحت. ودق البطل والذي سبق ذكره آنفاً بكف يده على صدره وقال: "أنا لها" وتم صنع صحن حمص أكبر ب 2 طن من ذلك اللبناني نكاية بلبنان وهيك شفت الحية غليلها .
سؤالي هنا هل علم السيد جودت إبراهيم تلك المكيدة المدبرة وسعى فيها أم قد غرته نفسه وطمع في الشهرة ولم تثنه عن التفكير بمدلولات هذا الفعل والذي رغم "وزنه" ال 4 طن, يعتبر فعلاً سخيفاً مؤسرل ومعادي؟؟؟
ربما يقول لي البعض يا بنتي إسرائيل سجلت فلسطين باسمها يعني وقفت على صحن هالحمص؟؟ فأقول أنا لا تعليق!!
لنترك الحية وسيرتها الله يكفينا شرها, بتقول ستي الله يرحمها إذا بتجيبوا سيرتها بتطلعلكوا. أقلب الصفحة على الوجه الآخر الذي أغاظني وهو أننا في الفترة الأخيرة كعرب, إزدادت أرقامنا القياسية في موسوعة غينيس! ولكن في زاوية "أكبر بطن", فترى ما شاء الله: أكبر صحن كبسة , أطول قالب حلاوة, أكبر صحن تبولة, أكبر بوفيه حلويات والحبل عالجرار ولا حول ولا قوة إلا بالله, ألم يعد لنا مجالاً نبدع فيه سوى الأكل؟ أينك يا ابن الهيثم, يا ابن سينا؟ أين الفرابي, الخوارزمي والبيروني وابن النفيس والرازي وووو الكثير ممن لم أذكر أوصد الباب من ورائهم وانطووا في صفحات التاريخ. الهذه الدرجة خوت عقولنا وعجزنا عن الابداع فارتكبنا البدع؟
قالوا:البطنة تذهب الفطنة [العقد الفريد: ج 8 ص 9]. وفي هذا الباب حدث ولا حرج, هذا عنوان لاحدى نكباتنا الأمة تعيش حالة من عدم الثقة بالنفس وتحاول أن تثبت لنفسها العكس من خلال صنع اكبر صحن وأكبر طبق والله يشفينا......
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)